طباعة
الأربعاء, 25 آذار/مارس 2015 00:00

الدولة و القوة الوطنية 2

كتبه
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الدولة و القوة الوطنية (2)

علمنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كيف لنا أن نكون دولة وقوة وان يكون هناك أمل دائم للمضطهدين و التي تتحدى وتنتصر على المتكبريين في العالم من خلال مجتمع صغير له عقيدة. ففي حرب الخندق كان المؤمنون عندما كانوا يجهزون الدفاع على طريقة الفرس في المدينة. عند حفر الخندق ظهرت أمامهم صخرة. لا تتفتت فتم ارسال الخبر الى سيدنا فأتوا الى الصخرة فقام بانزال ثلاث ضربات بالمطرقة على الصخرة. فكانت اتجاه الضربة الأولى الى الجنوب باتجاه اليمن (صنعاء ) فكانت شرارة كبيرة و الضربة الثانية الشمال ( الشام ) و الضربة الثالة الى الشرق ( ايران ).

فقال الصحابة ماهذا ؟ يارسول الله

ضربها الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث ضربات فتفتت. قال إثر الضربة الأولى : الله أكبر ، أعطيت مفاتيح الشام ،والله إني لأبصر قصورها الحمراء الساعة ، ثم ضربها الثانية فقال : الله أكبر ، أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض ، ثم ضرب الثالثة ، وقال : الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن ، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذه الساعة

وبعد مدة قصيرة من ان وافته المنية للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) تحقق هذه البشريات.

بنعمة الله تحقق فتح ايران و البيزنطة و اليمن في عهد سيدنا عمر. مع هذه الفتوحات دخل ثلث العالم تحت أمر الصحابة الكرام. ثم عادوا الى المدينة التي خرجوا منها حفاة مكشوفي الرأس بثروات. حيث امتلأت خزائن المدينة. ان هذا الدين الذي بدأ غريبا خلال 30 سنة اي بمدة قصيرة غمر بالثروة. وكانت النعمة بالهيمنة و السيطرة على الجغرافية الممتدة من بحر قزوين الى جبل طارق ومن الاناضول الى اليمن. وفي عهد الخلافة الراشدة التي استمرت لـ 30 عاما أصبح الاسلام قوة عالمية.

تم فتح الاندلس في عهد الامويين وتم القيام بالتخطيط من أجل فتح القسطنطينية الذي وعدنا و بشرنا به سيدنا الرسول على أنه الفتح الثاني. وتم الوصول الى أبواب القسطنطينية.

وتم انشاء جغرافية عدالة و سلام من منطقة يقطنها عشرات الاقوام من المسلمين و غير المسلمين و عشرات من اللغات المحكاة....

ففي العهد العباسي و بعد 150 سنة بعد سيدنا الرسول قال مستشار هارون الرشيد بأن الغيوم ابتعدت عن سماء بغداد فقال هارون الرشيد فلتذهب اينما تريد كيفما شائت فان ضريبتها ستكون إلي.

لو كان المسلمين في العهد الأموي و العباسي مثل المسلمين في يومنا لكانوا قد دخلوا في تأثير مرض التعلق بالدنيا. حتى لو خرجت السياسية في عهد وراء عهد من الخطوط و التعاليم النبوية فان في تلك الفترات تحققت خدمات و فتوحات عظيمة.

لكن ماهو سر هذه القوة ؟

قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): من قال " لا إله الا الله " ستكون اليمن و ايران وبيزنطة لكم. قال و حصل.

كيف كان الصحابة يقولون " لا إله الا الله " لكي يحققوا هذه المعجزة.

لأنهم جعلوا " لا إله الا الله " دليل الحياة. ولوّنوا أنفسهم بلون الله. والقرآن هيمن على حياتهم. وكانت السوق والمدرسة و الدولة كلها محاطة بـ " لا إله الا الله ". وانسلخوا من القومية العربية و الجهالة و توجهوا الى شرف أن يكونوا ملة ابراهيم. هم عرفوا على أنهم الملة و الأمة. ليس كالتعريف العنصري الذي في يومنا. الامة التركية و الامة العربية و غيرها و غيرها, ينبغي ان تحل هذه المشكلة أولا.

يقولون من أجل الكفار الانكليز اللذين زرعوا بيننا بذور الانفصال, عند مرورك بنهر و رؤيتك لضفدعين يتشاجران فاعلم أنه مر من هناك انكليزي ذو الساقين الطويلتين. وهذا أصبح أيضا من اجلنا. حيث مر من جغرافيتنا الاسلامية ( من نهرنا) الانكليز ذو الساقين الطويلتين همبهير و لورانس. حيث دمروا معرفتنا على أننا امة واحدة وزرعوا بيننا بذور النفاق. وجعلونا نتصارع بين بعضنا البعض. حتى أصبحنا غير قادرين على أن نكون مع بعضنا البعض حتى في أبسط المسائل. يا له من وضع محزن.

كان الجاسوس الانكليزي همبهير يقول: دولتنا " مملكة بريطانيا العظمى " تقوم بتطبيق سياسة ناجحة و فعالة جدا من اجل أن تكون مستعمرات الهند و الصين و الشرق الأوسط تحت ظل اداراتنا.

هنا أمرين مهمين:

1-      العمل على السيطرة على الأراضي التي وقعت تحت ايدينا.

2-      العمل على السيطرة على الاراضي التي لم تقع بايدينا.

بالنسبة للحالة الثانية كان يقول بزرع بذور الانفصال في المجتمع الدولة العثمانية و نجحوا.

لورانس جاء الى تركيا عام 1910 برفقة البروفسور Hagarth. وقام بدراسات حول النفط باسم حفريات الآثار بجانب نهر الفرات. فقام بجمع المعلومات السياسية و الاثنولوجية. هذه الدراسات استمرت حتى عام 1914 في صنعاء و غزة و العقبة. بهذا الشكل يتم تثبيت الهيكل العرقي و دراسات خريطة الدولة العثمانية قبل الحرب العالمية الأولى. حيث بداوا من طرف بتحريض العرب و العرقيات الاخرض ضد الدولة العثمانية ومن جهة أخرى كانت السيطرة جارية على ثروات الارضية و الفوق الأرضية في الدول الصغيرة الناشئة كلها.

ينبغي أن أؤكد مرة اخرى في هذا اليوم بأن الشرط الاول لبناء القوة الوطنية و الدولة هو تأسيس شهور الامة و توحيد كل الاعراق المختلفة التي تعيش في هذا البلد او الجغرافية الاسلامية. فهذا أمر ضروري من أجل انتقال العالم الاسلامي من الواقع الاجتماعي الى الوحدة السياسية. حيث ينبغي أن لا تُضع أي هوية عرقية بجانب الهوية الاسلامية. ان طريق سكب معدن الى قالبه أو خلطه مع آخرين و تحويله الى خليط فانه من الممكن من خلال تسخينه و اضعاف قوة التماسك للجزيئات بين المادة. ان طريق اجتماع الامم المختلفة تحت سقف واحد هذا ممكن عند تذويبها في بوتقة الاسلام.

ان لكل دولة سبب لوجودها. حيث كان سبب الدولة الاسلامية في المدينة هو هيمنة الحق على سطح الارض و التحرر من الفتن على سطح الارض. وكانت نفس الأسبباب في وجود الدول الاسلامية مثل الاموية و العباسية و السلجوقية و العثمانية. و ينبغي أن يكون في يومنا هذا هو سبب وجود الدولة القومية. ليست معايير ( الامم المتحدة ) في نيويورك و ( الاتحاد الاوروبي ) في كوبنهاكن و ( الناتو ) في بروكسل.

وهناك مسألة أخرى مهمة هي عند الحفاظ على الطابع الوطني للدولة ينبغي مواكبة تطورات العصر الايجابية. ليس جمهورية القرن حيث كنا ملزمين من عام 1923 في اسلوب ادارة ايجابي للعصر. ففي هذه الدولة كانت القسوة متطابقة مع الجمهورية. قبل الزام الجمهورية ينبغي أن تتوج في حال كانت معبأة بالجماهير الداخلية بأسس الاخلاق و القيم الروحية و مستندة على المساواة بين الشعوب و العدالة و التوزيع المنصف للرفاه. ينبغي ان لا تكون اداة للظلم.

ان القرآن العظيم الشأن حدثنا عن العديد من الرموز.

وامثلة أكثر وضوح,

فرعون: القوة و السلطة,

هامان: هيكلية مؤسسات السلطة " المفهوم السائد " والمسؤول عن الوفاء بجميع متطلبات فرعون.

بلم بن باعوراء: العلم و الحكمة.

قارون: الثروة و الغناء.

السامري يمثل الثقافة و الفن.

ان كل منهم في مجالهم بدلا الاخلاق الالهية و التقوى أصبحورا رموز بالمصالح الشخصية و الظلم و الاضطهاد.

ينبغي على جمهوريتنا أن لا تسعى الى الفرعنة و تبعية هامان و تبعية قارون وتبعية بيلام و تبعية السامري.

البقاء هو سمة مشتركة عند كل الاحياء. بالأخص فان هذا الشعور هو قوي عند البشر. وهذا ينطبق على الدول. بالنسبة للدول " المصلحة الوطنية " و " الهدف الوطني " لا غنى عنه. فان تركيا من اولوياتها فهي مضطرة الى تأسيس الاخلاق و القيم الروحية و الهدوء و السلام , الازدهار و العدالة. بعدها ينبغي أن يكون الهدف النهائي هو تأمين وحدة وقوة وبقاء أمة محمد.

ما حدثنا به ليست أفكار. فلم يكن هذا ممكنا في تاريخ العالم الغربي. في الواقع الغرب لا يمجد و يعبد الحق بل القوة.

ان الألمان في الحرب العالمية 1 جوبهو بحياة وفكرة غير قابلة للتطبيق من خلال الاضطهاد باتفاقية فرساي. هتلر من خلال ربط ايديلوجية التفوق و العلو الضار للعرق الألماني على العالم حيث أراد أن يهيمن على أعراق العالم ولذلك قام ببدء الحرب العالمية 2, فقام باحتلال أوروبا من بدايتها الى النهاية. مات 6 مليون من البشر. فكانت النهاية يائسة بالنسبة للنازيين و للأوروبيين أيضا. فنحن لا نتحدث عن الأحلام الغير قابلة للتحقيق القائمة على التمييز والصراعات التحاصصية. فان فكر الاتحاد الاسلامي هو المثل الأعلى الذي عمل عليه الباحثون الاسلاميون واستمر لأكثر من 150 عام. هذه الافكار ليست غير قابلة للتطبيق. فانها تعود مثل شجرة الدلب العظيمة جذورها تستند للمدينة وأغصانها الاحسان, انها الحقيقة العظيمة.

الاهداف الوطنية, فانها تأخذ مكان في تاريخ الامة وفي مستقبل الامة ايضا. مع عبارة الشباب الدائم " فانها ملازمة لتاريخ الامة ومضافة للمستقبل " على سبيل المثال فان المضائق التركية هي هدف من اجل الروس في عهد القياصرة وأيضا في الاتحاد السوفيتي ومن أجل بعدها. هذا الهدف لم يتحقق في ظل تصميم تركيا على المقاومة فقط بقيت بالاكتفاء بتسهيل و بعض الحقوق المحدودة في معاهدة مونترو.

ان الهدف الأدنى هو الميثاق من أجل الدولة الوطنية أما الاتحاد الاسلامي ينبغي أن يكون الهدف الأسمى.

( يتبع )

قراءة 4457 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 25 آذار/مارس 2015 13:23
الدخول للتعليق