طباعة
الإثنين, 16 حزيران/يونيو 2025 13:32

احتمالية تصعيد الصراع بين إسرائيل وإيران إلى صراع بين إسرائيل وباكستان والنتائج المحتملة

قيم الموضوع
(0 أصوات)

كبداية، نسأل الله العلي القدير أن ينصر المسلمين الإيرانيين في هذه الحرب المستمرة منذ ثلاثة أيام، والتي جاءت نتيجة لمخطط خبيث دبرته دولة الإرهاب إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة، ونسأله تعالى أن يتقبل الشهداء بواسع رحمته ويمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل.

نبدأ مقالنا بتحليل موجز لواقعة شهدناها قبل نحو شهرين تتعلق بـ "التوتر بين باكستان والهند":

التوتر الذي نشب بين باكستان والهند في 23 أبريل 2025، والذي سرعان ما تطور إلى حرب، كان سببه الظاهري هجومًا إرهابيًا مجهول الفاعل. وقد أشعل هذا التوتر ما يُعرف بـ "هجوم باهالغام 2025"، الذي وقع في وادي بايساران في منطقة جامو وكشمير، وأسفر عن مقتل 27 شخصًا، من بينهم 25 هندوسيًا، ومسيحي واحد، ومسلم محلي، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 20 شخصًا بجروح.

وفقًا لتقييمنا، فإن سيناريو الحرب بين باكستان والهند كان مؤامرة مدبرة من قبل إسرائيل. ذلك لأن إسرائيل، ومنذ عام 1948، ترتبط بعلاقة صداقة وثيقة للغاية مع الهند. وفي إطار هذه العلاقة المتبادلة، دعمت الهند إسرائيل بشكل فعلي في صراعها مع الدول العربية وفلسطين، بينما قدمت إسرائيل دعمًا كبيرًا للهند في حروبها مع باكستان.

لو تم تصعيد تلك الحرب، لكان من المحتمل أن تؤدي إلى اندلاع الحرب العالمية الثالثة. فحرب بين الهند وباكستان لم تكن لتبقى محصورة بين دولتين فقط، بل كانت الصين ستقف إلى جانب باكستان. أما روسيا، باعتبارها قوة نووية عظمى، فكانت ستنحاز إلى الصين؛ في حين أن الولايات المتحدة وأوروبا كانتا ستدعمان الهند. وكانت تركيا قد تكون من أكثر الدول تضررًا من هذا الصراع. أما المستفيد الأكبر من تلك الحرب، فكان سيكون بلا شك إسرائيل.

بعد اندلاع التوتر مباشرة، كان الحساب المتوقع للكيان الصهيوني المُجرم، مُدبّر هذه المؤامرة، على النحو التالي:

من المعروف أن أكبر كابوس لإسرائيل، وكذلك للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، هو اندلاع حرب مباشرة بين إسرائيل وتركيا. ففي مثل هذا السيناريو، ستكون الولايات المتحدة في وضع بالغ الحرج. ووفقًا لبنود ميثاق حلف الناتو، يتوجب على الولايات المتحدة تقديم الدعم لتركيا، بل ولا يمكن أن يكون هذا الدعم محدودًا أو من بعيد، لأن الهجوم على أحد أعضاء الناتو يُعتبر هجومًا على جميع الأعضاء، ويلزم الجميع بالمشاركة في الحرب. وفي هذه الحالة، لن يكون أمام الولايات المتحدة سوى خيار واحد: الانسحاب من الناتو. ولا حاجة لشرح ما سيلحقه ذلك من ضرر جسيم بسمعة ومكانة الولايات المتحدة عالميًا.

ويبدو أن العقل الشيطاني الإسرائيلي، من خلال افتعال أزمة مع باكستان، كان يسعى لوضع تركيا في موقف مشابه، ودفعها إلى مواجهة تفضي إلى انسحاب أمريكي من الناتو.

من المعروف أنه لا توجد آلية داخل حلف الناتو لإخراج أي عضو منه، إذ يمكن فقط للدول الأعضاء أن تنسحب طواعية. ويمكن أن تتطور المؤامرة على النحو التالي:

يتم تصعيد التوتر بشكل مُحكَم وتدريجي. ثم يعلن الناتو، وعلى رأسه الولايات المتحدة وبريطانيا، دعمهما العلني للهند. هنا، تجد تركيا نفسها في موقف مختلف، إذ ستكون مضطرة للوقوف إلى جانب باكستان. ولا يبقى أمامها خيار سوى الانسحاب من الناتو. وبذلك، تخرج تركيا من الحلف، وتحقق إسرائيل غايتها، ولا تعود هناك حاجة لاستمرار هذا التوتر، بل يتم إنهاء الأزمة بين باكستان والهند قبيل اندلاع الحرب.

وعليه، فإن تقديري هو أن الهدف الحقيقي من هذه الأزمة هو دفع تركيا إلى الخروج من حلف الناتو. وبعد ذلك، يصبح الطريق ممهَّدًا أمام إسرائيل؛ بل وقد تسعى إسرائيل للانضمام إلى الناتو، خاصة في ظل غياب تركيا. وعندها، سيُجبر باقي أعضاء الحلف ـ للأسف ـ على دعم إسرائيل في جميع الحالات، بل والقتال من أجلها.

من هنا، يجب على تركيا أن تعي جيدًا هذه اللعبة القذرة، وألّا تفكر مطلقًا في الخروج من حلف الناتو، حتى لو كانت الحرب على وشك الاندلاع.

الآن دعونا نضع نقطة على ما سبق. في خضم الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أيام بين إسرائيل وإيران، جاءت تصريحات نتنياهو في يوم 15 يونيو لتكشف الكثير. فقد أشار بوضوح إلى أنهم، بعد إيران، سيستهدفون باكستان أيضًا، لأنها دولة تملك السلاح النووي. هذه التصريحات تسلط الضوء على خلفيات ما حدث في 23 نيسان/أبريل في كشمير، حيث وقع هجوم إرهابي لم يُكشف حتى الآن عن منفذيه الحقيقيين (!)، وتفسر كذلك سبب دفع الهند لمهاجمة باكستان.

بمعنى آخر، هذا التصريح يربط بشكل مباشر بين الحملة الممنهجة ضد القوى النووية الإسلامية وبين المخطط الأشمل الذي تسعى إسرائيل لتنفيذه، بدءًا من إيران، ومرورًا بباكستان، وربما لاحقًا دولًا أخرى.

دعونا نحلّل الوضع الذي قد ينشأ في حال هاجمت إسرائيل، بصفتها أداة الإرهاب الإعلامي في العالم الغربي، باكستان بعد إيران:

في هذا السيناريو، فإن شنّ إسرائيل هجومًا مباشرًا على باكستان بعد إيران سيكون تطورًا خطيرًا وغير مسبوق، وسيُحدث نتائج مدمّرة على مستوى السياسة العالمية. مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى أزمة ليست إقليمية فقط، بل عالمية أيضًا.

  • باكستان دولة تملك أسلحة نووية، وكذلك إسرائيل. دخول دولتين نوويتين في مواجهة مباشرة سيخلق لأول مرة خطرًا نوويًا واضحًا في التاريخ المعاصر.
  • في هذه الحالة، سيُطرح مبدأ الردع النووي موضع تساؤل، مما قد يشجّع دولًا أخرى (مثل الهند، الصين، وكوريا الشمالية) على التصرف بعدوانية أكبر.
  • باكستان حليف استراتيجي للصين، وقد ترى الصين أي هجوم على باكستان تهديدًا مباشرًا لنفوذها، مما قد يؤدي إلى حرب بالوكالة أو حتى مواجهة مباشرة بين الصين والغرب.
  • روسيا، حتى إن لم تدعم إسرائيل، فقد تعارض هيمنة الغرب في المنطقة وتتخذ موقفًا مضادًا.
  • الهجوم الإسرائيلي على إيران يجد دعمًا علنيًا أو غير مباشر من بعض الدول الغربية، بذريعة أن "الدول الإسلامية يجب ألا تملك أسلحة نووية أو حتى التكنولوجيا النووية". لكن باكستان دولة معترف بها من قبل الأمم المتحدة ولديها تحالفات، وأي هجوم إسرائيلي عليها سيعزز الشعور بالوحدة في العالم الإسلامي ويُسقط تمامًا مصداقية شعارات الغرب عن "حقوق الإنسان" و"القانون الدولي".
  • مثل هذا الهجوم قد يثير احتجاجات وحركات شعبية وأزمات أنظمة وحتى ثورات في جميع الدول الإسلامية، بما فيها الدول العلمانية أو ذات الأنظمة المدنية.
  • في دول مثل تركيا، ماليزيا، إندونيسيا، سيضطر القادة إلى اتخاذ مواقف واضحة ومعارضة لإسرائيل نتيجة ضغط الرأي العام.
  • قد تنشأ تحالفات غير معتادة بين دول سنية وشيعية، مثل أفغانستان، إيران، وقطر، وهو أمر نادر الحدوث.
  • الهجوم على باكستان سيؤثر على جنوب آسيا وآسيا الوسطى، خاصة على مسارات الطاقة الصينية ويقلب موازين المنطقة.
  • أسعار النفط، التي ارتفعت بالفعل بسرعة صاروخية، قد تواصل الارتفاع بشكل حاد في حال نشوب أزمة جديدة في الخليج الإيراني، ما سيؤدي إلى تضخم عالمي جديد.
  • الصين، التي استثمرت بكثافة في باكستان ضمن مشروع الحزام والطريق، سترى مصالحها الاقتصادية مهددة وستتحرك وفقًا لذلك.
  • تركيا، العضو في الناتو، ستشهد انقسامات داخلية حادة على مستوى الرأي العام والسياسة الداخلية، ومن المرجح أن تقف فعليًا إلى جانب باكستان.
  • ملايين المسلمين في أوروبا قد يتسببون في اضطرابات اجتماعية واحتجاجات وربما تمردات واسعة.
  • الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل سيفقد الولايات المتحدة ما تبقى من سمعتها عالميًا ويعرضها لعزلة سياسية واسعة.

النتيجة: تحوّل إسرائيل من "التحريض بالوكالة" إلى ارتكاب جرائم حرب بشكل مباشر، وإثبات فعلي لجرائمها في الحروب والانتهاكات ضد الإنسانية.

هجوم إسرائيل على باكستان بعد إيران سيزيل عنها صورة "الوكيل الصغير للغرب"، ويحولها إلى قوة اعتداء عالمية تُعتبر بالتأكيد مجرمة حرب دولية.

كانت استراتيجيات إسرائيل عادةً عمليات محدودة وموجهة نحو أهداف معينة، لكن مع الهجوم الأخير على إيران، تتصرف إسرائيل كوحش لا يمكن كبحه. وإذا تم إخضاع إيران، ستصبح أكثر هياجًا وعدوانية، وقد لا تعرف حدودًا في عدوانها.

وفي حال وقوع هجوم مباشر على باكستان، فإن ذلك سيمثل انهيار النظام الدولي ما بعد الدولة وحدوده، ويقرب العالم من حافة حرب عالمية شاملة.

يجدر أيضًا الإشارة إلى أن الإنجليز، الذين يُعتبرون من أكثر الأمم براعة في التاريخ في حياكة المؤامرات والخدع وكتابة "كتاب الإمبريالية"، قد شرعوا في هذا المخطط من خلال إعلان بلفور عام 1917 وقرار حكومة الحرب البريطانية برئاسة لويد جورج، مما أدى في النهاية إلى إقامة دولة يهودية - إسرائيل - في قلب العالم الإسلامي كورم خبيث ودام.

في الواقع، العقل الإمبريالي الغربي أسس إسرائيل تحديدًا لتكون "الوكيل المسلح" ضد الدول الإسلامية. فهم يظهرون أمام العالم كمدافعين عن الديمقراطية والسلام، بينما يواصلون خلف الكواليس دعم إسرائيل عسكريًا، وتشجيعها على التصرف بعنف وعدوانية متزايدة.

التقييم: هذا السيناريو احتماله منخفض، لكنه قد يؤدي إلى تطور ذي تأثير كبير. وستبدأ وحدة العالم الإسلامي تتحقق.

 

كل ولادة تكون مؤلمة. لا يكون هناك رحمة بدون مشقة. في كل شر خير.

لكن دعاءنا هو أن يكون ميلاد وحدة العالم الإسلامي، بفضل براءة الأبرياء، ليس مكلفًا جدًا.

قراءة 11 مرات آخر تعديل على الإثنين, 30 حزيران/يونيو 2025 13:41
الدخول للتعليق