مقتطفات من: https://tr.omrandirasat.org/yayinlarimiz/raporlar/devrim-sonrasi-durziler-ve-israil.html (عمر أوزكيزيلجيك)
تركيبة الدروز في سوريا
طور الدروز، عبر التاريخ، بنية مجتمعية مغلقة لحماية أنفسهم من ظلم الأنظمة التي حكمتهم، ونجحوا في الحفاظ على هويتهم من خلال إبقاء ديانتهم طي الكتمان. وعلى الرغم من قلة عددهم النسبي، لعب المجتمع الدرزي في سوريا دائمًا دورًا مهمًا على الساحة السياسية في البلاد. ورغم أن الدروز يشكلون مجتمعًا صغيرًا ومنغلقًا، إلا أنهم يمتلكون بنية قيادية دينية معقدة، يبرز فيها عدد من الفاعلين والمؤثرين.
شيخ العقل الثلاثة: الهجري والحناوي والجربوع
يُطلق على القادة الدينيين للدروز اسم "شيخ العقل". ويتولى قيادة المجتمع الدرزي في سوريا ثلاثة من شيوخ العقل: الشيخ الهجري، الشيخ الحناوي، والشيخ الجربوع. ويمثل هؤلاء القادة الثلاثة توجهات سياسية مختلفة. ([1])
الشيخ الهجري على تواصل مع كل من إسرائيل وقوات سوريا الديمقراطية، ويطالب بمنطقة حكم ذاتي للسويداء. ويُعرف عنه تأثيره الكبير على الدروز في جبل الدروز والمناطق الريفية المحيطة به. أما الشيخ الحناوي، فعلى الرغم من ابتعاده عن السياسة، يتبنى موقفًا مؤيدًا لوحدة الأراضي السورية، ويحافظ على مسافة من إسرائيل. ويُقال إن تأثير الشيخ الحناوي يتركز بشكل خاص في المناطق الشمالية من محافظة السويداء. من جهة أخرى، يُعرف عن الشيخ الجربوع أنه تعاون في السابق مع نظام الأسد، ([2]) إلا أن مصادر درزية تشير إلى أنه لا يُعد من أنصار النظام السابق. بل يُقال إن الشيخ الجربوع يفضل العمل مع حكومة دمشق، وله تأثير ملحوظ خصوصًا بين الدروز القاطنين في المدن.
تأثير القيادة الدينية على السياسة
تمتد سلطة الطبقة الدينية في المجتمع الدرزي على نطاق واسع، من الحياة اليومية إلى العلاقات السياسية. تتألف الطبقة الدينية العليا، المعروفة باسم "العقلاء"، من أشخاص مطلعين على أسرار المذهب الدرزي. ([3]) ومن بينهم يُختار شيخ العقل، الذي يتحمل مسؤولية تحديد القضايا الدينية والقانونية المتعلقة بالحياة اليومية للدروز.
يُنظر إلى زعماء الدروز الإقطاعيين والطبقة الدينية التي تتعاون معهم عادةً كحماة وموجهي بقاء المجتمع الدرزي على مر التاريخ. أما العلاقة بين القادة السياسيين والدينيين للدروز فقد تم تحديدها إلى حد كبير عبر المنافسات بين العائلات الإقطاعية حتى يومنا هذا.
تشكيل الجماعات العسكرية الدرزية والديناميات الداخلية لها
شهدت محافظة السويداء، التي يعيش فيها الدروز، ظهور عدة مجموعات مسلحة خلال فترة الحرب الداخلية السورية وبعد الثورة. وتنقسم هذه المجموعات أساسًا إلى قسمين: مجموعات تحافظ على الحياد في القضايا السياسية وتهدف إلى حماية السكان المحليين، وأخرى مرتبطة بشكل مباشر بنظام الأسد. وتركزت أهداف المجموعات الحيادية بشكل خاص على منع اعتقال الشبان الدروز الذين يرفضون الخدمة العسكرية الإلزامية من قبل جهاز المخابرات التابع للنظام المخلوع، بالإضافة إلى ضمان أمن المنطقة.
رجال الكرامة
تأسست حركة "رجال الكرامة" في عام 2012 على يد وحيد البلعوس، وأصبحت أكبر مجموعة مسلحة في السويداء. وقد نفذت هذه الجماعة عدة هجمات ضد نظام الأسد من أجل المطالبة بالإفراج عن المعتقلين الدروز. ([4])
وبعد الإطاحة ببشار الأسد من الحكم، أعلنت كل من مجموعتي "رجال الكرامة" و"لواء الجبل" في بيان مشترك استعدادهما للاندماج ضمن هيكل عسكري جديد يشكّل نواة جيش وطني يهدف إلى حماية سوريا. ([5]) وشددت هذه الجماعات على رفضها القاطع لأي "جيش طائفي أو مذهبي" يُستخدم كأداة لقمع الشعب، كما كان الحال في جيش بشار الأسد.
وقد صرّح المتحدث باسم رجال الكرامة، باسم أبو فخر، برفضهم لوعود نتنياهو بشأن حماية الدروز، مؤكدًا أن الدروز هم جزء من سوريا. ومن بين الأسباب الأخرى التي دفعت حركة رجال الكرامة لاتخاذ هذا الموقف الواضح، ([6]) هو قربها من الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط.
لواء الجبل
يُعد "لواء الجبل" ثاني أكبر تشكيل عسكري في محافظة السويداء. وعلى عكس الجماعات العسكرية الأخرى البارزة، لا يخضع هيكل قيادته لتأثير سلطة دينية، ولهذا فإن تأثيره في المجال السياسي يعتبر محدودًا مقارنةً بغيره، كما أنه لا يتأثر بشكل مباشر بالسلطة الدينية داخل المجتمع الدرزي.
من المعروف أن لواء الجبل يتعاون بشكل وثيق مع حركة "رجال الكرامة"، ويتحركان سويًا في العديد من القضايا. ويأخذ اللواء موقفًا متحفظًا تجاه إسرائيل، ويعرّف نفسه كجماعة ثورية معارضة لنظام الأسد. ورغم قبوله بفكرة الانضمام إلى الجيش السوري، إلا أنه يرى أن هذا يجب أن يتم بشكل تدريجي. ويؤكد استعداده لحل نفسه تمامًا بعد انتهاء الانتخابات في سوريا والانصهار الكامل ضمن صفوف الجيش السوري.
وعقب اندلاع التمرد الذي بدأه فلول النظام في منطقتي اللاذقية وطرطوس، أعلن زعيم لواء الجبل، نجيب أبو فخر، دعمه الصريح للجيش السوري ووحدة الأراضي السورية. وفي تسجيل صوتي بثه، وجّه إدانة مباشرة لإسرائيل، وأكد من خلال إشارات تاريخية التزام الدروز بوحدة الأراضي السورية. ([7])
أحرار الجبل
تُعد "أحرار الجبل" واحدة من أكبر الجماعات المسلحة الدرزية في السويداء، وتعمل تحت قيادة الشيخ سليمان عبد الباقي. وقد أكد عبد الباقي على هوية المنطقة "السورية"، مشددًا على أنهم يرفضون بشكل قاطع أي تدخل خارجي. ([8])
في 7 آذار/مارس 2025، تعرض الشيخ سليمان عبد الباقي لمحاولة اغتيال من قبل مجهولين، إلا أنه نجا من الهجوم دون أن يُصاب بأذى. ([9])
رجال الشيخ الكرامة
برز ليث البلوس كشخصية بارزة بصفته قائدًا لمجموعة "رجال الشيخ الكرامة" المسلحة، وهو نجل وحيد البلوس مؤسس حركة رجال الكرامة. وعلى الرغم من أن "رجال الشيخ الكرامة" تمتلك قوة عسكرية محدودة، إلا أنها ترتبط بشراكة وثيقة مع مجموعة رجال الكرامة الأكبر.
وقد رد ليذ البلوس بشدة على تصريح نتنياهو بشأن حماية الدروز، قائلاً: "نحن الدروز نرفض كل من يدّعي حمايتنا من الخارج، ولدينا رؤية وطنية كسوريين". ([10]) بل إن البلوس كان ضمن الوفد الذي ذهب إلى دمشق للقاء أحمد الشارع، ([11]) لكنه شارك في هذا اللقاء ليس بصفته قائداً عسكرياً، بل كزعيم ديني درزي. ويُظهر هذا الأمر مدى التداخل بين الزعامة الدينية والعسكرية داخل المجتمع الدرزي.
مجلس السويداء العسكري
بالتزامن مع تصريح نتنياهو، تم الإعلان عن تشكيل "المجلس العسكري في السويداء". ([12]) وقد صرّح هذا الكيان بأنه يهدف إلى حماية السويداء من التهديدات، ويطمح في المستقبل لأن يصبح جزءًا من الجيش السوري. ومع ذلك، فإن اسم المجلس وعَلَمه يشيران بوضوح إلى أنه مستوحى من مجالس عسكرية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية.
ورغم أن المجلس العسكري في السويداء لا يزال كيانًا صغيرًا في الوقت الراهن، إلا أنه يمتلك قابلية للنمو في حال تمكن من تأمين تمويل يمكنه من جذب الشباب الدروز الذين يعانون من ضائقة اقتصادية. وتوجد روايتان متضاربتان حول الأشخاص الذين أسّسوا هذا المجلس: الرواية الأولى تفيد بأنهم شخصيات درزية متعاونة منذ سنوات طويلة مع نظام الأسد، أما الرواية الثانية فتقول إنهم أشخاص على تواصل منتظم مع القوات الأمريكية التابعة للقيادة المركزية (CENTCOM) المتمركزة في منطقة التنف.
الهيكل الاقتصادي والوضع الاجتماعي للدروز
يعيش الدروز بشكل رئيسي في المناطق الجبلية والريفية من سوريا ولبنان ومرتفعات الجولان الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي، وهم تقليديًا مجتمع يعمل في الزراعة وتربية المواشي. في منطقة جبل لبنان على وجه الخصوص، يُعدّ إنتاج الحرير من الأنشطة الاقتصادية المهمة. ويتم تسويق الحرير في مراكز تجارية رئيسية مثل طرابلس وصيدا وبيروت، مما يجعله أحد ركائز الاقتصاد المحلي في تلك المنطقة.
أما في لبنان، فقد كانت الأراضي التي امتلكها الدروز تاريخيًا مصدر دخل رئيسي للعائلات الدرزية. وفي إسرائيل، يتمتع الدروز بمستوى اقتصادي أفضل نسبيًا مقارنةً بغيرهم من الدروز، وذلك بفضل الفرص المتاحة لهم للعمل في الجيش والمؤسسات الحكومية.
أما الدروز في سوريا، فيقيمون غالبًا في قرى تقع في محافظة السويداء وجنوب شرق دمشق، ويعملون في الغالب بالزراعة. ومع ذلك، فإن الطبيعة الجبلية غير الصالحة للزراعة في السويداء تحد من إمكاناتهم الاقتصادية. وعلى الرغم من أن تأثير الحرب في محافظة السويداء كان محدودًا نسبيًا، إلا أن الظروف الاقتصادية ومستوى المعيشة في المنطقة لا يزالان متدنيين للغاية. كما أن البنية التحتية والتخطيط العمراني في السويداء متخلفان بشكل كبير، وتتميز المدينة بطراز معماري خاص يميزها عن بقية مناطق سوريا.
روابط الشتات والدعم الاقتصادي
تنتشر نسبة كبيرة من السكان الدروز المقيمين في الخارج في أمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية وأستراليا وغرب إفريقيا. وتُعدّ الجالية الدرزية الكبيرة في فنزويلا على وجه الخصوص من أبرز مصادر الدعم الاقتصادي للدروز السوريين. ويُعزى استمرار هذا الدعم الاقتصادي لأكثر من قرن إلى مبدأ أساسي في العقيدة الدرزية، وهو ضرورة التضامن والتكافل بين أبناء الطائفة.
سياسة إسرائيل تجاه الدروز
أثار رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو جدلاً جديدًا في السياسات الإقليمية من خلال تصريحاته بشأن الطوائف الدرزية في جنوب سوريا. يمكن اعتبار وعود نتنياهو بالحماية وضمانات الأمن جزءًا من الاستراتيجيات طويلة الأمد التي تتبعها إسرائيل تجاه الدروز.
روابط المجتمع الدرزي في إسرائيل
يتجاوز عدد السكان الدروز في إسرائيل 130 ألف نسمة، ويشكلون حوالي 1.7% من سكان البلاد. يعيش معظمهم في شمال إسرائيل، ويمثلون حوالي 8% من بين أكثر من مليوني عربي فلسطيني يشكلون السكان العرب في البلاد. ([13])
نقطة مهمة هي أنه بعد الاتفاق مع زعيم المجتمع الدرزي عام 1956، صدر قانون يُلزم الرجال الدروز بالخدمة في الجيش الإسرائيلي. الدروز، الذين لغتهم الأم هي العربية، وُصفوا على موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن لهم "مكانة خاصة جداً بين الأقليات في إسرائيل". ([14])
في المقابل، يعاني المجتمع الدرزي في إسرائيل من قضايا هوية. بعض الناشطين الدروز يرون أن "الدروز عرب وفلسطينيون، ولا وجود لهوية إسرائيلية. إما أن تكون يهودياً أو فلسطينياً." بينما يرى بعض السياسيين الدروز في إسرائيل أنهم "لسنا فلسطينيين، نحن جزء من إسرائيل. نعترف بأن إسرائيل دولة يهودية، لكننا نعارض القوانين التي تلغي المساواة". ([15])
يُشار إلى أن أكبر فرق بين المجتمع الدرزي في إسرائيل ومرتفعات الجولان المحتلة من جهة، والمجتمع الدرزي في سوريا ولبنان من جهة أخرى، هو الهوية العربية. فالدروز في سوريا ولبنان يرون أنفسهم عرباً ويحافظون بقوة على هويتهم العربية، بينما الدروز تحت السيطرة الإسرائيلية يعانون من ضعف نسبي في الهوية العربية، حيث تمثل الدرزية لديهم هوية دينية وإثنية معاً، أما بالنسبة للدروز في سوريا ولبنان فالدرزية هي هوية دينية، وهويتهم الإثنية هي عربية.
وعد الحماية وخطاب ضمان الأمن
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل صريح أنهم لن يتسامحوا مع أي تهديد يطال الدروز في جنوب سوريا. جاء هذا التصريح كجزء من الموقف الإسرائيلي الرافض لوجود أي قوى مرتبطة بهيئة تحرير الشام أو بأي حكومة سورية جديدة في جنوب سوريا. كما صرّح نتنياهو بأنهم يطالبون بنزع السلاح الكامل من محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء في سوريا. ([16])
من جانبه، صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون كاتس أن إسرائيل "ستعزز علاقاتها مع المجتمعات الصديقة في المنطقة"، وأكد على تقديم الدعم للدروز المقيمين في مرتفعات الجولان وكذلك للمجتمع الدرزي في جنوب سوريا. وأضاف أن القوات الإسرائيلية "لن تسمح بوجود قوى معادية في المنطقة الأمنية الممتدة حتى دمشق" وأنها "ستتحرك ضد أي تهديد. ([17])
مع ذلك، قوبلت تصريحات نتنياهو بردود فعل غاضبة في سوريا، حيث نُظّمت مظاهرات احتجاجية ضد إسرائيل في عدة مدن جنوبية من بينها السويداء. ([18]) على إثر هذه التصريحات، توجه وفد ديني من محافظة السويداء إلى دمشق للقاء رئيس الجمهورية السورية. وقد ضم الوفد قادة دينيين من مجموعتي "رجال الشيخ الكرامة" و"أحرار الجبل". أما قائد مجموعة "رجال الكرامة"، كونه لا يُعتبر شخصية دينية، فقد مثّله نائبه الديني منيس أبو حلا في اللقاء. في المقابل، لم تشارك مجموعة "لواء الجبل" في الاجتماع لعدم وجود قيادة دينية لديها.
وكان من المخطط أن يشارك الشيخان الحنّاوي والجربوع في الزيارة إلى دمشق، ([19]) إلا أن هذه الخطة أُلغيت بعد اعتراضات شديدة من الشيخ الهجري، وتم الاتفاق على أن يلتقي الشرع رجال دين من طبقة أدنى في التراتبية الدينية.
خطة تقسيم سوريا
تفكر إسرائيل منذ فترة طويلة أن سوريا مقسّمة ودمشق ضعيفة تمثلان وضعًا أكثر فائدة لأمنها القومي. وتُعدّ استراتيجية "تحالف الأقليات" ([20])، وهي إحدى ركائز العقيدة الأمنية الإسرائيلية، جزءًا من هذا التصور؛ إذ تهدف إلى موازنة الغالبية السنية العربية من خلال بناء تحالفات مع الأقليات غير المسلمة والإثنية في المنطقة. فكما طوّرت إسرائيل علاقات مع الموارنة في لبنان والأكراد في العراق، فهي تتبع سياسة مشابهة في سوريا.
تسعى هذه الاستراتيجية إلى تشجيع تفكك سوريا إلى مناطق إثنية وطائفية بدلاً من بقاء الدولة تحت حكم مركزي قوي. ومن خلال ذلك، تأمل إسرائيل في منع تعافي دولة سورية قد تشكل تهديدًا لأمنها. إذ تهدف سياسة "سوريا المجزأة" التي تعتمدها إسرائيل إلى إضعاف الدولة من خلال تقسيمها وفق خطوط طائفية وإثنية.
وتُركز إسرائيل بشكل خاص على المجتمع الدرزي في الجنوب السوري كأداة لتنفيذ هذه السياسة، ما يعكس نية في عرقلة جهود الحكومة السورية الجديدة لإعادة توحيد البلاد. وفي الوقت الذي يدعو فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى نزع السلاح من جنوب سوريا، فإنه يقيم اتصالات مع بعض الجماعات تحت ذريعة حماية الدروز. إلا أن هذه السياسة تتجاهل الحقائق الديموغرافية والسياسية للمنطقة؛ إذ أن تجاهل العرب السنة في درعا والقنيطرة والتركيز فقط على الجماعات الدرزية قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات الطائفية في جنوب سوريا.
الرافعة الاقتصادية
تسعى إسرائيل إلى تعزيز نفوذها على المجتمع الدرزي في جنوب سوريا من خلال مبادرات عسكرية ودبلوماسية، بالإضافة إلى تقديم حوافز اقتصادية. وفي هذا الإطار، تقدم إسرائيل تصاريح عمل للدروز السوريين في مرتفعات الجولان المحتلة، بهدف زيادة التبعية الاقتصادية للمنطقة. وتُعد فرص العمل التي تتيحها إسرائيل خياراً جذاباً للشباب الدروز في سوريا، الذين يعانون من الأزمة الاقتصادية، إذ يُخطط لتقديم أجور يومية تتراوح بين 75 و100 دولار. ([21]) وبالنظر إلى أن متوسط الرواتب في القطاع العام السوري لا يتجاوز 25 دولاراً شهرياً،([22]) يتضح أن هذا العرض يمثل ميزة اقتصادية كبيرة.
إلا أن هذه الخطوة لا تقتصر على البُعد الاقتصادي فحسب، بل تحمل بُعداً استراتيجياً كذلك. فمن شأن هذه الحوافز أن تُبعد الدروز عن دمشق، وتفصلهم عن العرب السنّة في الجنوب، بل وقد تُحدث تغيرات ديموغرافية تدريجية في الجولان.
وبالإضافة إلى تصاريح العمل، وضعت إسرائيل خطة اقتصادية لدعم البنية التحتية وتحسين ظروف المعيشة في القرى الدرزية والشركسية الواقعة تحت سيطرتها. ويبلغ إجمالي ميزانية هذه الخطة 3.9 مليار شيكل (حوالي مليار دولار). ([23]) إلى جانب هذه الخطط الاقتصادية، يُعرف أن إسرائيل تقوم أيضاً بتنفيذ أنشطة إنسانية خاصة موجهة للدروز في سوريا.
أزمة جرمانا وردود فعل الدروز
أزمة الأمن التي شهدتها منطقة جرمانا في ريف دمشق أعادت تشكيل التوازنات الداخلية داخل المجتمع الدرزي، كما كشفت عن اختلافات في التوجهات بين أفراده. وتحوّلت هذه الأزمة، التي وقعت في منطقة ذات غالبية درزية ومسيحية، إلى ساحة صراع غير مباشر بين دمشق وتل أبيب.
بداية الأزمة وتطورها
اندلع فتيل أزمة جرمانا في أحد الحواجز التي يسيطر عليها فصيل مسلح يُعرف باسم "درع جرمانا". ووفقاً لتصريحات مدير أمن ريف دمشق، حسام الطحان، فإن أفراداً من وزارة الدفاع السورية تم إيقافهم عند دخولهم إلى البلدة بهدف زيارة أقاربهم. وقد أُجبروا على تسليم أسلحتهم، ثم تعرضوا للضرب، وتم إطلاق النار مباشرة على مركباتهم. وأسفر الهجوم عن مقتل أحمد أديب الخطيب في موقع الحادث، فيما أُصيب شخص آخر وتم احتجازه.
عقب هذا الحادث، هاجم مسلحون مركز الشرطة في جرمانا، وأجبروا عناصر الشرطة على الخروج من المبنى، واستولوا على أسلحتهم. ومع تصاعد التوتر، أرسلت وزارة الداخلية السورية وحدات من قوى الأمن العام إلى المنطقة، كما أرسلت وزارة الدفاع تعزيزات عسكرية. وأدى الاشتباك إلى مقتل شخص واحد وإصابة تسعة آخرين. ([24])
جهود الوساطة التي بذلها الزعماء الدروز
بعد اندلاع الأزمة، توجه موكب بقيادة ليث البلوس، أحد أبرز الزعماء الدروز في السويداء، إلى جرمانا في مسعى للوساطة واحتواء التوتر. إلى جانب ذلك، أصدر وجهاء جرمانا بياناً أدانوا فيه الهجوم وطالبوا بمحاسبة الفاعلين، حيث تم وصف الحادثة بأنها "عمل قامت به مجموعة خارجة عن النظام" ولا تمثل أهالي المنطقة. ([25])
كما أفضت المشاورات المكثفة بين الجهات الأمنية والوجهاء المحليين إلى إطلاق سراح الشرطي المحتجز، وذلك بوساطة وجهاء جرمانا. من جانبه، قام مدير شرطة ريف دمشق طاهر محمد عمر بزيارة تفقدية إلى المركز الأمني المشترك بين قوى الأمن العام ومجموعة "درع جرمانا"، حيث تابع عن كثب تطورات الوضع. وكان لافتاً دخول وحدات تابعة لقوى الأمن العام إلى جرمانا وهي ترفع الأعلام الدرزية، في رسالة رمزية واضحة موجهة إلى أبناء الطائفة الدرزية في المنطقة. ([26])
توازنات القوى المتغيرة بعد الأزمة
دخلت قوات الأمن التابعة للحكومة السورية إلى منطقة جرمانا بعد انتهاء المفاوضات، وتمركزت هناك لمراقبة الوضع الأمني بالتعاون مع السكان المحليين، بحسب ما أفاد به عضو مجموعة العمل المدني ربيع منذر. وأوضح أن قوات الأمن بدأت بمتابعة الأوضاع الأمنية بعد فوضى استمرت 48 ساعة في المنطقة.
من جهة أخرى، أفادت تقارير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس أصدرا تعليمات للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لحماية منطقة الدروز في جرمانا. وذكر بيان صادر عن مكتب نتنياهو أن "أمن الدروز مهم بالنسبة لنا، وسنرد على أي محاولة للمساس بهم". ([27])
بالتوازي مع ذلك، حذر الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط من "أن المشروع الصهيوني يحاول جرّ العقول الضعيفة إلى حرب أهلية"، مشدداً على أن "الدروز يواجهون تحدياً كبيراً، إما الحفاظ على هويتهم العربية التي يستمدون منها قوتهم، أو الانجرار خلف المخطط الصهيوني". ([28])
وفي الختام، وعلى الرغم من أن أزمة جرمانا انتهت بفضل وحدة الدروز وموقفهم الحازم، فإنها كشفت عن مدى هشاشة موازين القوى في المنطقة، وأظهرت بوضوح محاولات إسرائيل للتدخل في الشؤون الداخلية السورية.
الاتفاق مع دمشق
زار وفد درزي من وجهاء محافظة السويداء الرئيس السوري أحمد الشرع بتاريخ 11 آذار/مارس، وتم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين. وبموجب هذا الاتفاق، سيتم نقل الصلاحيات الأمنية في محافظة السويداء إلى وزارة الداخلية السورية، على أن يتم تجنيد عناصر الشرطة حصراً من أبناء المحافظة المحليين، ويجري توظيفهم أيضاً داخل نطاق منطقتهم. يهدف هذا الاتفاق إلى إدخال محافظة السويداء تدريجياً تحت السيطرة الإدارية والأمنية الكاملة للعاصمة دمشق. ([29])
عقب إبرام الاتفاق، قام الشيخ الهجري بتوقيع نفس وثيقة التفاهم بشكل منفصل مع فريقه التمثيلي، إلا أنه أعلن بشكل علني رفضه لهذا الاتفاق رغم توقيعه عليه. ([30]) وعلى الرغم من تصريح الشيخ الهجري، فقد بدأت عمليات توظيف الشرطة في السويداء، وبدأت مراحل تدريب العناصر الذين سيتم نشرهم في المحافظة.
بعد هذا الاتفاق، بدأ الشيخ الحناوي، أحد الزعماء الدينيين للدروز المعروفين بابتعادهم عن السياسة، بلعب دور أكثر فاعلية. وصرّح في عدة مقابلات لوسائل الإعلام السورية عن دعمه لدمشق، وأدان موقف إسرائيل تجاه سوريا والدروز. ([31]) وبالمثل، عبّر الشيخ الجربوع بشكل علني عن دعمه لدمشق ومعارضته لإسرائيل. ([32])
ومن اللافت أيضاً أن الوزير التكنوقراطي الجديد في التشكيلة الحكومية السورية التي أُعلنت قبل العيد، ينحدر من محافظة السويداء. وتُعد الزراعة المصدر الاقتصادي الرئيسي لسكان المحافظة. غير أن الإعلان الدستوري الجديد لسوريا لم يلقَ قبولاً من قبل الشيخ الهجري. ([33])
وقد لوحظ تطور إيجابي في الزيارة التي قام بها الشيخ حجيري، الشيخ حناوي، والشيخ جربوع إلى محافظ السويداء بمناسبة العيد. إذ كان أول خلاف علني بين الطرفين قد نشأ حول تعيين المحافظ، حيث اقترح الشيخ حجيري اسماً لمنصب المحافظ، لكن تم تعيين شخصية مقربة من الحكومة السورية بدلاً منه.
بالإضافة إلى ذلك، التقى ليث البلوس، الذي أصبح مؤخراً شخصية بارزة، بوزير الدفاع السوري في دمشق وقد تبادلا الهدايا.
كما يُذكر أن الرئيس السوري على تواصل مباشر ومنسق ليس فقط مع الزعامات الدينية التقليدية للطائفة الدرزية، بل أيضاً مع شخصيات مرموقة وقيادات رأي مؤثرة في المجتمع الدرزي، ممن يتمتعون بمستوى تعليمي عالٍ نسبياً. وقد تم أيضاً بناء علاقات قوية مع منظمات المجتمع المدني الدرزية.
الخلاصة
تُظهر الطائفة الدرزية في سوريا موقفًا حذرًا وصلبًا في مواجهة التدخلات الخارجية، بفضل تركيبتها الدينية والعسكرية المعقدة. وكما يتضح في هذا التقرير، فإن محاولات إسرائيل لتعزيز نفوذها على الدروز تستند إلى سوء فهم للديناميات الداخلية لهذا المجتمع، وهو ما يُعد خطأً استراتيجيًا. فقد طوّر المجتمع الدرزي آلية جماعية للحماية ضد الأطراف الخارجية، من خلال سرية المذهب والبنية الدينية الهرمية، كما تمكن من الحفاظ على استقراره الداخلي من خلال توازن مستمر بين القيادات المختلفة. وعليه، فإن اعتماد إسرائيل على شخص واحد فقط من مراكز القوة الدرزية، مثل الشيخ الهجري أو المجلس العسكري الدرزي المشكّل حديثًا في السويداء، لا يُعد سياسة واقعية أو مستدامة.
وقد تم رفض محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جذب الطائفة الدرزية إلى صفّه من خلال وعود بـ "الحماية"، من قبل الفاعلين العسكريين والدينيين على حد سواء. بل على العكس، ساهمت هذه التصريحات في تعزيز العلاقات بين الدروز ودمشق. وهذه التطورات تكشف عن أن استراتيجية "تحالف الأقليات" الإسرائيلية قد لا تكون قابلة للتطبيق في السياق السوري.
وفي هذا الإطار، تُعد مساعي إسرائيل لإضعاف الحكومة السورية عبر الطائفة الدرزية في الجنوب السوري محاولة خاسرة منذ البداية. فجميع العمليات البرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي عبر تاريخه واجهت صعوبة في الحفاظ على وجود دائم، إذ غالبًا ما بدأ الاحتلال بنجاح ميداني سرعان ما ينتهي بالانسحاب، باستثناء حالتين هما مرتفعات الجولان والضفة الغربية. وإذا استثنينا الضفة الغربية بسبب ظروفها المعقدة، فإن بقاء إسرائيل في الجولان يعود لسببين رئيسيين: أولاً، انخفاض الكثافة السكانية في المنطقة، وثانياً، نوع العلاقة التي نسجتها إسرائيل مع الدروز هناك.
انطلاقًا من هذه التجربة، حاولت إسرائيل تطبيق نهج مماثل في جنوب سوريا عبر استمالة الدروز، لكن هذا الجزء من سوريا لا يشبه الجولان. بل إن الجنوب اللبناني يُعد مثالًا أقرب من حيث التركيبة السكانية والسياسية. وتشبه السياسة الإسرائيلية الحالية تعاملها في الثمانينيات مع "القوات اللبنانية" ذات النفوذ المحدود ديمغرافيًا، والتي لم تكن تمثل الغالبية المارونية في لبنان. آنذاك، بالغت إسرائيل في تقدير حجم نفوذ تلك القوات، فتورطت في لبنان ثم اضطرت إلى الانسحاب.
وفي السياق الراهن، فإن تعاون إسرائيل مع فئة محدودة من الدروز السوريين مع تجاهل الغالبية الدرزية، بالإضافة إلى الأغلبية السنية في درعا والقنيطرة وريف دمشق، يُعد خطأً مشابهًا. حتى الشيخ الهجري نفسه قد التقى المحافظ المعين من قبل دمشق، ووقّع ممثلوه اتفاقًا مع الحكومة السورية، مما يشير إلى أن إسرائيل قد لا تجد أي حليف محلي فعلي في السويداء.
غير أن الوضع يختلف نسبيًا حين نتحدث عن الجهود الاقتصادية الإسرائيلية تجاه الدروز. فإذا كان هدف إسرائيل ليس التوسع الجغرافي، بل جذب الدروز السوريين للهجرة إلى الجولان من خلال تحسين الظروف المعيشية، فإنها قد تحقق بعض النجاح. وفي ظل الظروف الاقتصادية السيئة في سوريا، قد يختار بعض المدنيين الدروز الانتقال إلى بيئة أكثر رفاهية في إسرائيل. ورغم صعوبة التنبؤ بعدد هؤلاء، إلا أنه يمكن الحديث عن شريحة سكانية معتبرة قابلة للاستقطاب.
المصادر
([1]) Ömer Özkızılcık, “İsrail'in Güney Suriye stratejisi başarılı olabilir mi?”, Anadolu Ajansı, 11 Mart 202, https://bit.ly/4jZr5Qp (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([2])Suriye TV, “شيخ العقل يوسف جربوع ينحاز للنظام ويصف الأصوات المطالبة بإسقاط الأسد بـ "النشاز"”, 30 Ağustos 2023, https://bit.ly/44PcO4j (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([3])Britannica, “Druze”, https://www.britannica.com/topic/Druze (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([4])Aymenn Jawad Al-Tamimi, “Rijal al-Karama after Sheikh Abu Fahad Waheed al-Bal'ous' Assassination”, Aymenn Jawad Al-Tamimi Blog, 26 Ekim 2015, https://bit.ly/4iAFGAJ (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([5])North Press Agency, “Armed groups in Suwayda show readiness to integrate into new army”, 7 Ocak 2025, https://npasyria.com/en/120698/ (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([6])Suriye TV, “حركة رجال الكرامة لتلفزيون سوريا: نندد بتصريحات نتنياهو بشأن "حماية الدروز" ”, 2 Mart 2025, https://www.syria.tv/305347 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([7])Abdelsalam Alabbas, “نجيب أبو فخر، الناطق الرسمي باسم لواء الجبل في السويداء، كلام في قمة الوطنية والعقل، هذا وأمثاله من الأبطال من يمكن التعويل عليهم.”, Twitter, https://x.com/Abdelsalam478/status/1898193074364244285 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([8])Suriye TV, “قائد "أحرار جبل العرب" في السويداء: هويتنا سورية ونرفض التدخل الخارجي”, 24 Şubat 2025, https://bit.ly/42SdiUE (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([9])Haber Vitrini, “Suriye yönetimine yakın Dürzi lidere suikast girişimi”, 10 Mart 2025, https://bit.ly/4iH8lnr (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([10])Suriye TV, “حركة رجال الكرامة لتلفزيون سوريا: نندد بتصريحات نتنياهو بشأن "حماية الدروز" ”, 2 Mart 2025, https://www.syria.tv/305347 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([11])Suriye TV, “بعد تصريحات نتنياهو.. الرئيس السوري يلتقي وجهاء الدروز في دمشق”, 24 Şubat 2025, https://bit.ly/4lRIaNT (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([12])Diaa al-Sahnawi, “Suweida Military Council - what does it want and who is behind it?”, The New Arab, 28 Şubat 2025, https://www.newarab.com/news/what-suweida-military-council-and-why-did-it-appear-now (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([13])Jerusalem Post, “Who are the Druze in Israel? - explainer”, 28 Haziran 2024, https://www.jpost.com/israel-news/culture/article-812265 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([14])Abdel Ra'ouf D. A. R. Arnaout, Ekrem Biçeroğlu ve Halime Afra Aksoy, “İsrail'de hükümet üyeleri arasındaki anlaşmazlıklar tırmanıyor”, Anadolu Ajansı, 17 Mayıs 2022, https://www.aa.com.tr/tr/dunya/israilde-hukumet-uyeleri-arasindaki-anlasmazliklar-tirmaniyor/2590377 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([15])Esat Fırat, “İsrail'deki Dürziler kimlik sorunu yaşıyor”, Anadolu Ajansı, 5 Eylül 2019, https://www.aa.com.tr/tr/dunya/israildeki-durziler-kimlik-sorunu-yasiyor/1246837 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2024).
([16])Ani, “Netanyahu calls for demilitarization of Southern Syria, protection for Druze”, The Tribune, 23 Şubat 2025, https://www.tribuneindia.com/news/world/netanyahu-calls-for-demilitarization-of-southern-syria-protection-for-druze/ (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([17])Sebastian Usher, “Israel demands complete demilitarisation of southern Syria”, 25 Şubat 2025, https://www.bbc.com/news/articles/cvgenz02lp8o (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([18])Laith Al-Jnaidi, ve Ahmed Asmar, “Syrians protest Netanyahu’s call for demilitarization of southern Syria”, Anadolu Ajansı, 24 Şubat 2025, https://www.aa.com.tr/en/middle-east/syrians-protest-netanyahu-s-call-for-demilitarization-of-southern-syria/3491783 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([19])Suriye TV, “بعد تصريحات نتنياهو.. الرئيس السوري يلتقي وجهاء الدروز في دمشق”, 24 Şubat 2025, https://bit.ly/4lRIaNT (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([20])Yusri Hazan, “A people that shall dwell alone; is that so? Israel and the minorities alliance“, Tandf Online, 3 Şubat 2020, https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/00263206.2020.1713758 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([21])Jerusalem Post, “IDF reportedly offers southern Syria's Druze community job opportunities”, 24 Şubat 2025, https://www.jpost.com/middle-east/article-843553 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([22])Chris Hamill-Stewart, “Syrian public sector workers set for 400% pay rise”, 7 Ocak 2025, https://www.agbi.com/employment/2025/01/syrian-public-sector-workers-set-for-400-pay-rise/ (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([23])Jerusalem Post, “Netanyahu to unveil NIS 3.9 billion plan to develop Israel's Druze, Circassian sectors”, 5 Mart 2025, https://www.jpost.com/israel-news/article-844661?utm_source=chatgpt.com (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([24])Al Jazeera English, “Syrian forces deployed in Jaramana to end unrest”, 3 Mart 2025, https://www.aljazeera.com/news/2025/3/3/syrian-forces-deployed-in-jaramana-to-end-unrest (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([25])Rizik Alabi, “‘We Did Not Ask for Protection’: Syrian Druze Reject Netanyahu’s Intervention”, The Media Line, 3 Mart 2025, https://themedialine.org/top-stories/we-did-not-ask-for-protection-syrian-druze-reject-netanyahus-intervention/ (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([26])The Maltese Herald, “Syrian Security Forces enter the Jaramah neighbourhood of Damascus waving the Druze flag”, 3 Mart 2025, https://themalteseherald.com/2025/03/03/syrian-security-forces-enter-the-jaramah-neighbourhood-waving-the-druze-flag/#google_vignette (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([27])Jerusalem Post, “Netanyahu tells IDF to protect 'Druze village amid clashes with terrorist' Syrian forces”, 1 Mart 2025, https://www.jpost.com/breaking-news/article-844244 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([28])Kareem Chehayeb, “Prominent Lebanese Druze leader says he will visit Syria soon as tensions with Israel simmer”, AP News, 3 Mart 2025, https://apnews.com/article/israel-syria-druze-jumblatt-lebanon-jaramana-assad-eec72b1477cf5ac337e85c0a1152036b (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([29])Shachar Kleiman , Adi Nirman ve Ariel Kahana, “Report: Following Kurdish accord, al-Sharaa secures agreement with Druze”, Israel Hayom, 11 Mart 2025, https://www.israelhayom.com/2025/03/11/report-following-kurdish-accord-al-sharaa-secures-agreement-with-druze/ (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([30])The New Arab, “Druze leader dismisses chance of agreement with 'radical' Syria government after constitution emerges”, 14 Mart 2025, https://www.newarab.com/news/druze-leader-says-no-agreement-radical-syria-government (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([31])Ayman Al-Shawfi, “تعيينات المحافظة في السويداء تثير الجدل حول "الإدارة الذاتية"”, El Cezire Arapça, 20 Ocak 2025, https://bit.ly/3YVTMFF (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([32])Sky News Arabia, “الشيخ يوسف جربوع لـ"سكاي نيوز عربية": منفتحون على حكومة دمشق”, 14 Mart 2025, https://bit.ly/3YVTU87 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).
([33])Welat TV, “Sheikh al-Hijri: The Constitutional Declaration is Dictatorial; We Demand a Legitimate and Legal Declaration”, 19 Mart 2025, https://welattv.com/en/node/10988 (Erişim tarihi: 7 Nisan 2025).